عقدالزواج في الإسلام

كانت حالات الزواج والطلاق في الدولة العثمانية يتم تسجيلها. ولأن الزواج كان يعد عبادة في الوقت نفسه، كان رجال الدين هم من يقومون دائماً بعقد القران
21 Ekim 2017 Cumartesi
21.10.2017

كانت حالات الزواج والطلاق في الدولة العثمانية يتم تسجيلها. ولأن الزواج كان يعد عبادة في الوقت نفسه، كان رجال الدين هم من يقومون دائماً بعقد القران.

الزواج قديم قدم تاريخ الإنسانية، كما أنه مؤسسة يغلب عليها الطابع الديني؛ ولهذا السبب يتم الزواج في كل الأديان تقريباً أمام رجال الدين. وبعد أن ضعف اعتبار الدين في المجتمع تم استحداث صيغة جديدة لمن لا يرغبون في عقد قرانهم أمام رجال الدين، ألا وهو " عقد القران في البلدية". وكان ذلك من ضمن الأشياء التي أتت بها الثورة الفرنسية. "وعقد القران في البلدية" تقليد يفتقر إلى الهيبة والمشاعر. ويقول الروائي الفرنسي أندريه موروا في روايته "الأرض الموعودة" عن عقد القران في البلدية : " يكون المرء وكأنه يوقّع عقد إيجار، أو يستلم جواز سفر..".

الزواج: مراسم مقدسة

عقد القران على يد رجل دين ليس شرطاً أساسياً للزواج في الدين الإسلامي. حتى إنه ليس شرطاً أن يُعقد القران على يد أي شخص. ويكفي فقط أن يقول رجل وامرأة مستوفيان الشروط اللازمة للزواج وأمام اثنين من الشهود " تزوجت الشخص الفلاني". وبذلك يكون عقد الزواج قد تم.

ولكن منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى اليوم دائماً ما قام طرف ثالث بعقد القران. ربما لأن الزواج يعد في الوقت نفسه عبادة في الشريعة الإسلامية. وفضّل الناس دائماً أن يقوم شخص على دراية بالأحكام الشرعية والقانونية وله مكانة واعتبار، بعقد قرانهم؛ لذلك كان عقد القران يتم دائماً على يد الأئمة.

ودائماً ما عُقد القران في شكل مراسم مقدسة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم يقومون بعقد قران المسلمين. وبعد أن زادت أعمال ومسؤوليات الخلفاء تم تكليف بعض رجال الدين بالقيام بهذه المهمة ويُطلق على الواحد منهم اسم "المأذون". كما كان يقوم أئمة الأحياء والقرى بعقد القران.

ضريبة الزواج

ولأن الزواج يترتب عليه الكثير من النتائج مثل النسب والمهر والنفقة والعدة والميراث وما إلى ذلك، رُغب في أن يكون تحت رقابة السلطات الرسمية، وأن يتم تسجيله في السجلات الرسمية. وبذلك تم ضمان إشهار الزواج وقُطع الطريق أمام تحايل سيئي النية.

منذ بداية التاريخ الإسلامي والمواليد والوفيات وحالات الزواج يتم تسجيلها. وهذه السجلات كان يُعتمد عليها في حساب نفقات الخزانة. وفي الدولة السلجوقية، والدولة العثمانية، ودولة المماليك كان يجب الحصول على إذن من القاضي من أجل عقد القران. ويتم دفع مبلغ من المال (رسوم زواج).

وبعد الحصول على إذن كتابي من القاضي بخصوص وجود أو عدم وجود موانع لزواج الطرفين، يقوم إمام الحي أو القرية بعقد قرانهما. وبالنسبة إلى غير المسلمين يقوم القساوسة أو الحاخامات بعقد القران. لم يكن من الشائع وجود أي من الطرفين أثناء مراسم عقد القران بل جرت العادة أن يمثلهما في عقد القران أولياء أمورهما أو من يوكلاه. ويقوم رجل الدين الذي عقد القران بأخذ توقيعات الطرفين والشهود على وثيقة الزواج ثم يقوم بختمها وإرسالها إلى دائرة النفوس. وبذلك يكون عقد الزواج قد تم تسجيله رسمياً.

يوم العرس يقوم الإمام وفي حضرة الشهود بإلقاء خطبة صغيرة ويقرأ الآيات والأدعية المستحب قراءتها عند عقد القران. بعد ذلك يقوم بسؤال العروس أولاً عن رغبتها في الزواج من الشخص المتقدم لها بعد ذلك يقوم بسؤال الرجل. وبعد أن يسمع الإجابة بالموافقة يعلن أنه عقد قران العروسين، ثم يدعو بالدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم كي يبارك الله في هذا الزواج.

الزواج العلماني

ألغي تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية تماماً في تركيا عام 1926. وتم قبول قانون الأحوال المدنية السويسري الذي نُظم وفقاً لأحكام الكنيسة الكاثوليكية. وطُبقت عقوبات على من يقوم بعقد القران أمام رجل دين قبل الزواج أمام موظف البلدية. حتى إنه نص على ذلك في الدستور المعمول به حالياً باعتبار أنه أحد قوانين الإصلاحات (في عهد أتاتورك).

على الرغم من هذا استمر الزواج الديني رائجاً بين أفراد الشعب. إلا أنه ظهر العديد من حالات ضياع الحقوق لأن هذا الزواج لم يكن معترفاً به من قبل الجهات الرسمية. وكانت الدولة تعامل المرأة المتزوجة بهذه الطريقة على أنها مجرد عشيقة للرجل ويُعامل ابنها معاملة الابن غير الشرعي. حتى إن العديد من النساء اتهمن بالزنا وألقي بهن في السجن بسبب زواجهن بهذه الطريقة، وفي السنوات الماضية ألغي قانون اعتبار الزواج الديني جريمة.

عام 1970 وفي إحدى الندوات للمرحوم أحمد داود أوغلو وهو من أتراك بلغاريا وعمل مديراً لسنوات طويلة للمعهد العالي للدراسات الإسلامية في إسطنبول، قال إن زواج البلدية لا يُغني عن الزواج الديني ويجب القيام بالاثنين معاً. وبسبب ذلك حكم عليه بالسجن. وقبل وفاته قال "لم أر ظلماً مثل هذا حتى في بلغاريا".

الدين أم قانون الأحوال المدنية التركي؟

هناك بعض الشروط الواجب توافرها حتى يصح الزواج في الدين الإسلامي، هذه الشروط تتناقض مع قانون الأحوال المدنية التركي. فمثلاً لا يمكن للرجل المسلم أن يتزوج أخته في الرضاعة ولكن بالنسبة إلى قانون الأحوال المدنية التركي فلا يوجد مانع لزواج الأخوة في الرضاعة. أيضاً يمكن للرجل المسلم الزواج بامرأة مسلمة أو مسيحية أو يهودية ولكن لا يمكن للرجل المسلم الزواج من ملحدة. أما المرأة المسلمة فلا يمكنها الزواج إلا من رجل مسلم فقط. أما في قانون الأحوال المدنية التركي فيمكن لأي رجل وأي امرأة أن يتزوجا بغض النظر عن ديانتيهما.

في الدين الإسلامي لا يمكن للمرأة المطلقة أو التي توفي زوجها أن تتزوج مرة أخرى إلا بعض انقضاء شهور العدة. ولكن طبقاً لقانون الأحوال المدنية التركي فيمكنها الزواج فوراً. لابد من استخدام صيغة الماضي حتى يكون عقد الزواج صحيحاً في الإسلام، ولكن لا يوجد شرط مماثل في زواج البلدية. كذلك لابد من توافر شاهدين رجلين مسلمين أو رجل وامرأتين، أما بالنسبة إلى قانون الأحوال المدنية التركي فلا يهم ديانة أو جنس الشاهدين.

يمكن أن يعقد القران عبر وكيل أو بخطاب مكتوب ولكن لا يمكن ذلك في قانون الأحوال المدنية التركي. كذلك من شروط الزواج في الإسلام أن يوجد ولي العروس أو أن يوافق على زواجها، ولكن لا يوجد هذا الشرط في قانون الأحوال المدنية. عند الزواج على الرجل أن يدفع للعروس مبلغاً من المال، ولا يُعد هذا شرطاً من شروط الزواج بل نتيجة له وحق للمرأة. أما في زواج البلدية فلا يمكن وضع شرط كهذا. ومن المستحب في الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والدينية. ولا يوجد هذا في قانون الأحوال المدنية التركي.

لا يمكن أن أعقد هذا القران

قبل عدة سنوات أثناء زواج المطربة التركية الشهيرة "أمل صايين" من رجل أعمال يهودي يدعى "دافيد يونس"، تم استدعاء إمام من أجل عقد القران الديني. ولكن عندما علم الإمام ديانة الرجل انسحب على الفور قائلاً "لا يمكن أن أعقد هذا القران."

طبقاً لتعاليم الكنيسة لا يمكن للقس أن يعقد قران اثنين غير جائز زواجهما. لهذا السبب لم يتمكن أمير ويلز "الأمير تشارلز" من الزواج من زوجته الحالية إلا بعقد القران في البلدية. لأنه حينما يصبح ملكاً سيصبح أيضاً رأس الكنيسة الأنجليكية والكنيسة الإنجليكية لا تسمح بزواج المطلقين من أشخاص آخرين.

والنظام الأمثل الذي يجب تطبيقه في أي بلد حديث هو السماح للراغبين في الزواج الديني بالذهاب إلى رجال الدين وعقد قرانهم طبقاً لتعاليم دينهم، وقبول الدولة واعترافها بهذا الزواج، والسماح للراغبين في عقد قرانهم في البلدية بفعل ذلك. حتى إنه يجب الاكتفاء حتى بأن يذهب الشخصان إلى السلطات الرسمية ويبلغان أنهما قد تزوجا.

وهذا هو النظام المطبق في كل البلدان الحديثة. حتى إنه النظام نفسه المطبق في إسرائيل. وإعطاء رجال الدين في تركيا صلاحية عقد القران طبقاً لعقيدة كل شخص لا طبقاً لقانون الأحوال المدنية مبادرة جيدة ومناسبة.