جمع القرآن الكريم

يمتاز القرآن الكريم بمزية خاصة به دون الكتب المقدسة التي نزلت قبله ألا وهي أنه حتى يومنا هذا لا يزال على حالته الأصلية منذ بدء نزوله في شهر رمضان عام 610. ولصحابة النبي صلى الله عليه وسلم دور كبير في ذلك
2 Haziran 2017 Cuma
2.06.2017

 

يمتاز القرآن الكريم بمزية خاصة به دون الكتب المقدسة التي نزلت قبله ألا وهي أنه حتى يومنا هذا لا يزال على حالته الأصلية منذ بدء نزوله في شهر رمضان عام 610. ولصحابة النبي صلى الله عليه وسلم دور كبير في ذلك

كان لصحابة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فضل كبير في انتقال المصحف الشريف إلى الأجيال اللاحقة. وجمع القرآن الكريم لأول مرة في عهد الخليفة أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-

يمتاز القرآن الكريم بمزية خاصة به دون الكتب المقدسة التي نزلت قبله ألا وهي أنه حتى يومنا هذا لا يزال على حالته الأصلية منذ بدء نزوله في شهر رمضان عام 610. ولصحابة النبي صلى الله عليه وسلم دور كبير في ذلك.

اثنا عشر شخصاً

على مدار فترة دعوة النبي-صلى الله عليه وسلم- والتي استمرت ثلاثا وعشرين سنة كانت آيات القرآن تُحفظ كلما نزلت. وكان كتّاب الوحي البالغ عددهم 42 صحابياً يقومون بتدوين تلك الآيات على قطع الورق والقماش والجلد وألواح العظم أو أي شيء يجدونه. ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يجيد القراءة والكتابة. وقد كانت إجادة القراءة والكتابة في العصر الأول تعد حرفة لا يتقنها إلا القليلون.

في عهد الخليفة أبو بكر الصديق استشهد نحو 70 صحابياً من حفاظ القرآن الكريم (كانوا يسمون وقتها قراء) في حرب اليمامة. فخشي عمر‎‎- رضي الله عنه - أن يذهب القرآن ويضيع في صدور الصحابة واقترح على الخليفة أبو بكر الصديق جمع القرآن الكريم كاملاً في كتاب واحد. فأوكل أبو بكر هذه المهمة إلى مجموعة من كتاب الوحي برئاسة الصحابي زيد بن ثابت - رضي الله عنهم-.

كانت تلك المجموعة التي تضم اثني عشر صحابياً من أشهر كتاب الوحي منهم علي بن أبي طالب، طلحة بن عبيد الله، ابن مسعود، أُبي بن كعب، خالد بن الوليد، حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهم – تجتمع في بيت عمر بن الخطاب وتجمع كل آيات القرآن التي دونت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -. كما كانوا يكتبون الآيات التي يحفظها الصحابة بشرط أن يشهد اثنين من الصحابة أنهما سمعاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المصحف

بهذه الصورة جمع القرآن الكريم كاملاً في مجلد واحد. وكان جبريل عليه السلام قد علّم النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب الآيات وأوضحها النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة. والآية هي كل جملة في القرآن الكريم أما السورة فهي كل قسم من القرآن مسمى باسم خاص بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم. ويضم القرآن 114 سورة و6236 آية ونحو 323 ألف حرف.

كان الصحابي سعيد بن العاص مشهور بحسن خطه وهو من دون القرآن على جلد الغزال. واستخدمت الكتابة العربية صاحبة التاريخ الممتد لقديم الأزل والتي كانت مستخدمة وقتها في أرض الحجاز. وكان النبي إسماعيل عليه السلام هو أول من استخدم الكتابة العربية في أرض الحجاز. وقد أجمع الصحابة على أن الكتابة التي استخدمها إسماعيل عليه السلام هي الكتابة الخاصة بالمسلمين.

عُقد اجتماع وقُرئت نسخة القرآن التي تم جمعها على الصحابة ولم يعترض منهم أحد. وهكذا ظهر كتاب أُطلق عليه المصحف. والمصحف تعني الصحف المكتوبة المجموعة في مجلد. وأجمع 33 ألف صحابيا على دقة وصحة المصحف الذي تم جمعه. ثم أُودع هذا المصحف لدى عمر بن الخطاب وبعد وفاته انتقل إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب –رضي الله عنهما-

لهجة قريش

أثناء حروب أرمينيا في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان لوحظ وجود اختلاف بين مسلمي العراق ومسلمي الشام في طريقة قراءة القرآن الكريم. وبعد العودة من الغزوة ذهب الصحابي حذيفة بن اليمان إلى الخليفة عثمان وطلب منه وضع حلا لتلك المشكلة. وفي السنة الخامسة والعشرين من الهجرة (647 م) شكل عثمان بن عفان لجنة يشرف عليها الصحابي زيد بن ثابت (من كتاب الوحي) ويشارك فيها عبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الحارث بن هشام. وكانوا جميعاً من أهل قريش عدا زيداً بن ثابت.

وطلب الخليفة عثمان منهم اعتماد لهجة قريش حال اختلفوا في موضوع اللهجات مع حسان بن ثابت. لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان من قريش. وقد نزل القرآن الكريم بشكل يجعله ميسر للقراءة بلهجات اللغة العربية السبع ( قريش، هذيل، اليمن، تميم، طيئ، ثقيف، هوازن).

في البداية لم تكن حروف اللغة العربية منقوطة ولم تكن هناك حروف العلة لذا كان المسلمون الأوائل يقرؤون القرآن الكريم بسهولة لأنه مكتوب بلغتهم الأم ولكن مع اختلاف طفيف أحياناً. مثلاً كان التميميون (من قبيلة تميم) ينطقون حرف السين "تاء" فيقرؤون كلمة ناس على النحو التالي "تاس". وكانت تلك الاختلافات الطفيفة تعد تنوعاً وتيسيراً في اللغة ولكن لم تكن تؤثر على المعنى.

وأحضرت اللجنة نسخة المصحف الأصلية التي كانت لدى أم المؤمنين حفصة بن عمر. ولم تكن سور القرآن منفصلة عن بعضها البعض في تلك النسخة. كانت السور في النسخة التي قرأها عمر بن الخطاب مرتبة حسب ترتيب النزول، بينما كانت مرتبة في النسخة التي لدى بن مسعود بحسب طول السور. وكتبت الآيات بلهجة قريش. وقد فصلت السور عن بعضها بعضا وتم ترتيبها وفقاً لطولها أو قصرها وعلاقاتها مع بعضها . وترتيب السور اعتمد على اجتهاد وإجماع الصحابة ولم يخبر به جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم كما هو الحال في ترتيب الآيات.

النسخ السبع

منعاً لنشوب خلافات في المستقبل تم إحراق النسخة القديمة والنسخ المشابهة لها ( يستغل الشيعة هذه الواقعة حجة لاتهام الخليفة عثمان بن عفان بتحريف القرآن). ومن النسخة الجديدة تم استنساخ نسخ أخرى على رقائق الجلد وأرسلت كل نسخة بصحبة قارئ إلى البحرين، والشام، والبصرة، والكوفة، واليمن، ومكة. ويروى أيضاً أنه تم إرسال نسخ إلى مصر والجزائر.

أما نسخة المصحف التي بقيت عند الخليفة فقد أطلق عليها (المصحف الإمام). ولا يوجد أي فرق بينه وبين المصاحف التي بين أيدينا الآن لأنها جميعاً استنسخت منه. أي أن تدوين القرآن كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وجمعه كان في عهد أبي بكر الصديق أما استنساخه فكان في عهد عثمان بن عفان.

أسس عثمان بن عفان كتاتيب خاصة لتعليم كتابة وقراءة القرآن بصورة صحيحة. وفي عهد الخليفة علي بن أبي طالب تم تنقيط الحروف. وفي عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان تم وضع علامات التشكيل.

منذ ذلك العصر وأعداد لا حصر لها من المسلين حفظت القرآن.

المصاحف الأصلية

بعض النسخ من النسخ السبع الأولى فقدت. واليوم هناك مصاحف منذ عهد عثمان وعلي محفوظة بمتحفي طوب قابي سراي والآثار الإسلامية والتركية في إسطنبول. واحد منها مكتوب بخط يد عثمان بن عفان، واثنان كتبهما علي بن أبي طالب.

النسخة التي كانت في مصر كانت محفوظة في البداية في مسجد عمرو بن العاص ثم قدمت للسلطان سليم الأول عند دخوله مصر وأحضرها إلى قصر طوب قابي في إسطنبول. ويُروى أن تلك النسخة هي في الأصل نسخة المدينة المنورة وأن آخر شخص تبقى على قيد الحياة من العباسيين قد أحضرها معه إلى مصر أثناء هروبه من المذابح التي ارتكبها المغول. ولوجود بقعة عليها تشبه الدم يُقال إن تلك النسخة هي نسخة المصحف الذي كان يقرأ فيها عثمان بن عفان لحظة استشهاده.

بعض المصاحف الأخرى التي تعود للعصر الأول لا تزال محفوظة في ضريح الإمام الحسين في مصر، والمكتبة الوطنية في باريس، والمكتبة البريطانية في لندن، ومتحف الآثار القديمة في طشقند وبعض المتاحف الأخرى. وهناك آيات من القرآن مكتوبة على الحجارة والعظام تعرض في المتحف الذي افتتح حديثاً بمكة. وقد انتقلت آيات من القرآن كتبت على الحجارة والصخور في القرن السابع إلى يومنا هذا ومحفوظة حالياً في المملكة العربية السعودية.