الإيالات ذات الحكم الذاتي في الدولة العثمانية

بدلاً من إلحاق الدول التي يتم فتحها بالدولة العثمانية مباشرة كانت الحكومة العثمانية أحياناً تمنح بعض هذه الدول نوعاً من الحكم الذاتي وذلك لأسباب سياسية وتاريخية واقتصادية ودينية أيضاً. وفي أغلب تلك الحالات فضلت الحكومة العثمانية ترك العائلات الحاكمة القديمة لإدارة تلك الدول. وتعتبر "دوبروفنيك" التي قبلت الحماية والسيادة العثمانية في القرن الرابع عشر أول إيالة عثمانية ذات حكم ذاتي.
25 Ağustos 2017 Cuma
25.08.2017

كان نظام إدارة كل إيالة في الدولة العثمانية يختلف طبقاً لخصوصيات تلك الإيالة. وبفضل هذه الأسلوب تمكنت الإمبراطورية المترامية الأطراف التي يعيش فيها شعوب من أديان وأعراق مختلفة من البقاء لمدة طويلة.

كانت الدولة العثمانية في العصور الوسطى والعصر الحديث إمبراطورية مركزية شأنها شأن مثيلاتها في تلك الحقبة الزمنية. والإمبراطورية هي الدولة التي يعيش فيها شعوب من أعراق وأديان ومذاهب مختلفة وأيضاً مجموعة الدول الصغيرة التي تتبع تاجاً وحاكماً واحداً.

لا يمكن تطبيق المركزية بإحكام في الإمبراطوريات، إلا أنه لا يمكن أيضاً تشبيه الإمبراطورية بالدولة الفيدرالية. وفي العصر الذي كان يتم فيه استخدام قوة الإنسان والحيوان في النقل والاتصالات كانت الإمبراطوريات تتشكل من عناصر مستقلة ذاتية الحكم من الجهة المالية يتألف الجهاز الإداري فيها من كادر محدود.

النظام

كانت الدولة العثمانية مقسمة إلى إيالات، والإيالات مقسمة إلى سناجق، والسناجق بدورها مقسمة إلى أقضية. وكان الولاة هم المكلفين بقيادة الإيالات والسناجق إدارياً وعسكرياً. والقضاة هم من يتولون مهمة القضاء والحكم الإداري ورئاسة البلدية في الأقضية. كما كان هناك قاض مستقل عن الوالي في الإيالات والسناجق، ويتولى شؤون القضاء ورئاسة البلدية. والولاة والقضاة هم موظفون معينون من قبل المركز ويعملون براتب محدد.

ويعتمد هذا النظام على الارتباط الوثيق بين العناصر الإدارية والمالية والعسكرية داخله. وكانت إيرادات الأراضي التي يتم ضمها إلى الدولة العثمانية بعد الفتوحات تُجمع من قبل من يسمون بالـ "سباهي" ويحتفظون بها مقابل تنشئة الجنود وتجهيزهم للحرب في أي وقت. ويتبعون الوالي مباشرة.

كانت هناك إيالات عثمانية لها نظام إداري مستقل يختلف عن النظام الإداري المتبع في الدولة. فكانت هذه الإيالات التي اعترفت بالحماية والسيادة العثمانية تتمتع بنوع من الحكم الذاتي في شؤونها الداخلية. وكانت تدفع مقدارا محددا من الضرائب كل عام كما تقوم بإرسال الجنود أثناء الحروب. ويطلق على تلك الإيالات "إيالات ذات امتياز"

الحكم الذاتي

بدلاً من إلحاق الدول التي يتم فتحها بالدولة العثمانية مباشرة كانت الحكومة العثمانية أحياناً تمنح بعض هذه الدول نوعاً من الحكم الذاتي وذلك لأسباب سياسية وتاريخية واقتصادية ودينية أيضاً. وفي أغلب تلك الحالات فضلت الحكومة العثمانية ترك العائلات الحاكمة القديمة لإدارة تلك الدول. وتعتبر "دوبروفنيك" التي قبلت الحماية والسيادة العثمانية في القرن الرابع عشر أول إيالة عثمانية ذات حكم ذاتي.

بعض هذه الإيالات لم يكن بها سكان أتراك أو مسلمون. ونظراً إلى قلة عدد السكان في الإمبراطورية لم يكن متاحاً تسكين جاليات مسلمة في تلك البلدان وكان ذلك أيضاً من ضمن أسباب منح امتياز لبعض الإيالات.

طبق هذا الأسلوب المتبع أيضاً في إمبراطورية روما القديمة في أولى عصور التاريخ الإسلامي. ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت ولايتا نجران وعمان تتمتعان بحكم ذاتي، وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت منطقة تهامة أيضاً تدار بنوع من الحكم الذاتي. كما كانت مناطق النوبة في عهد عثمان بن عفان، وأرمينيا في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما تدار أيضاً بالحكم الذاتي.

خصائص إدارية مختلفة

لم تكن الخصائص الإدارية بالإيالات العثمانية التي تتمتع بحكم ذاتي جميعها متشابهة؛ وذلك لاختلاف الأسباب السياسية والتاريخية. فكان هناك إيالات ذات امتياز تُدار مثل أي ولاية عادية ويتم تعيين الإدارة فيها من قبل إسطنبول مثل إيالة الأفلاق والبغدان. كما كان هناك إيالات تختار الإداريين فيها بنفسها وارتباطها بالحكومة المركزية ليس ارتباطاً وثيقاً كما كان الحال في إيالة دوبروفنيك. وبعض الإيالات كان الإداريون فيها ينحدرون من أسرة حاكمة معينة مثل إيالة القرم. وكان لابد من التصديق على هؤلاء الإداريين من قبل إسطنبول حتى وإن كانت الإيالة هي من تختار إدارييها. كما كانت جميع الإيالات ملزمة بدفع الضرائب وإرسال الجنود في أوقات الحرب.

بعض الدول والمناطق التي قبلت التبعية العثمانية في عصور مختلفة عن طريق دفع الضرائب أو بطرق أخرى، مثل بوهيميا، بولندا، موسكو، عُمان، أتشه، كاشغر، كجرات، المغرب، برنو لا تُعتبر إيالات ذات حكم ذاتي بل كانت العلاقات معها تجري في صورة حماية سياسية أو تحالفات عسكرية.

في بداية عهد الدولة العثمانية كان كل من منطقة الروملي، صربيا، الإمبراطورية البيزنطية ( لمدة معينة)، البوسنة والهرسك، قره داغ، بلغاريا تدفع الضرائب وترسل الجنود بصفتها تابعة للدولة العثمانية وبعد فترة قصيرة ألحقت جميعها تماماً بالدولة وأصبحت مثل أي إيالة عادية.

أيهم أفضل؟

بعد أن بدأت الدولة العثمانية تفقد قوتها تدريجياً فُقدت إيالات كانت تتمتع بحكم ذاتي مثل إيالة القرم، وإيالة أردل. فعمل السلطان محمود الثاني على تقوية الإدارة المركزية من أجل الحفاظ على ما تبقى من الدولة. وبداية من عهد محمود الثاني أُلغي امتياز الحكم الذاتي لبعض الإيالات مثل إيالة كردستان. وتم تحويلها إلى ولايات عادية. كما تم تقييد وضعية بعضها مثل إيالات رومانيا وليبيا والحجاز.

من ناحية أخرى تم منح وضعية الحكم الذاتي لبعض الإيالات التي شهدت ثورات قومية مثل بلغاريا وصربيا، وبعض الإيالات التي تشهد مشاكل مثل مصر ولبنان وذلك لعدم فقدانها تماماً. ولهذا ظلت هناك ولايات ذات حكم ذاتي حتى نهاية الدولة. وكان عدم منح حكم ذاتي لأرمينيا التي كان يوجد بها الأتراك بكثرة سبباً في ظهور أزمة الأرمن التي امتدت حتى يومنا هذا.

إن تطبيق اللامركزية قد أتاح إدارة أسهل للإمبراطورية المترامية الأطراف التي تضم شعوباً من أديان وأعراق مختلفة. وبفضل اللامركزية أيضاً واصلت الإيالات ذات الحكم الذاتي تبعيتها لمركز الدولة لمدة طويلة. ويقول السير تشارلز إيلوت في مذكراته وهو دبلوماسي إنكليزي عاش في إسطنبول في الفترة من 1893 إلى 1898:

"النظام القديم كان أفضل. بالطبع كان الحكام أشد قسوة، ولكن على الأقل كانوا يفكرون أكثر في مصالح شعوب المنطقة."

الإيالات ذات الامتياز (الحكم الذاتي)

1/ دوبروفنيك 1365-1815

2- آيناروز 1374-1913

3- إسطنبول 1453-1909

4- الأفلاق والبغدان (رومانيا) 1462-1878

5- قره داغ 1478-1878

6- القرم 1475-1878

7- كردستان 1514-1774

8- الحجاز 1517-1918

9- المشيخات العربية 1517-1918

10- غليبولي وجزر بحر إيجة 1533-1876

11- ناكسوس 1537-1830

12- أردل (ترانسلفانيا) 1541- 1699

13- جورجيا 1555- 1614

14- داغستان 1578- 1606

15- تونس 1591- 1881

16- ليبيا 1603- 1912

17- الجزائر 1603- 1830

18- جمهورية الجزر السبع (اليونانية) 1800- 1863

19- مصر 1805- 1914

20- صربيا 1812- 1878

21- اليونان 1829- 1830

22- ساموس 1832- 1913

23- لبنان 1861- 1915

24- البوسنة والهرسك 1865- 1908

25- كريت 1867- 1913

26- بلغاريا 1878- 1908

27- قبرص 1878- 1914

28- أرناؤوط (ألبانيا) 1880- 1913

29- اليمن 1911- 1918