ثقافة الختان

الختان عادة قديمة جداً.. وتشير بعض المومياوات وأوراق البردي إلى أن عادة الختان كانت موجودة عند قدماء المصريين. كما اندهش كريستوفر كولومبوس عندما علم أن الهنود الحمر يختنون. واليوم أيضاً يعد الختان رمزاً لطبقة ووضع معينين في إنكلترا. وبالطبع هناك الكثير من المعترضين على هذه العادة...
29 Temmuz 2017 Cumartesi
29.07.2017

   

الختان عادة قديمة جداً.. وتشير بعض المومياوات وأوراق البردي إلى أن عادة الختان كانت موجودة عند قدماء المصريين. كما اندهش كريستوفر كولومبوس عندما علم أن الهنود الحمر يختنون. واليوم أيضاً يعد الختان رمزاً لطبقة ووضع معينين في إنكلترا. وبالطبع هناك الكثير من المعترضين على هذه العادة...

عام 2011 في سان فرانسيسكو الأمريكية أُعلن أنه سيتم تنظيم استفتاء شعبي لإقرار قانون ينص على معاقبة كل من يقوم بختان أي طفل ذكر قبل أن يبلغ سن الثامنة عشرة بالحبس سنة وغرامة مالية قدرها ألف دولار.

إلا أن منظمة "علاقات المجتمع اليهودي" ( jewish community relations council ) رفعت دعوى قضائية بزعم أن هذا الاستفتاء سيكون مخالفاً للدستور. وادعت أنه لا يمكن تنظيم استفتاء حول أمر له حكم واضح وصريح في القانون. وبالفعل قبل القاضي "لوريتا جيورجي" الدعوى. وتم إلغاء الاستفتاء. بعد ذلك أصدرت ولاية كاليفورنيا قانوناً ينص على عدم إصدار مدن الولاية قوانين تمنع الختان.

أما ختان الإناث فهو ممنوع في عموم الولايات المتحدة الأمريكية. بالرغم من فوائد ختان الذكور الصحية هناك من يرونه اعتداء على جسد الإنسان. ويرى المسلمون واليهود في الولايات المتحدة حملات منع الختان على أنها اعتداء على حرية الدين والاعتقاد ويكافحون ضد تلك الحملات.

عام 1972 قضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة بأحقية "طائفة الأميش" (إحدى الطوائف المسيحية في أمريكا معروفة بنبذها التكنولوجيا وكل مظاهر التقدم) في رفض إرسال أطفالها إلى المدارس. كما قررت عدم إجبار أطفال طائفة "شهود يهوه" على تحية العلم الأمريكي في المدارس لأن ذلك مخالف لعقيدتهم الدينية. كذلك حكمت بأن يؤدي أبناء طائفة الصاحبيين (الكويكرز) الخدمة العسكرية في الوحدات غير المحاربة لأن عقيدتهم الدينية تمنع اشتراكهم في الحروب وإراقة الدماء. والآن أصبحت أي حملات معارضة للختان تُرى على أنها معاداة للسامية.

يُرجع البعض مصدر الختان إلى التوراة إلا أنها عادة أقدم من ذلك بكثير. فالمومياوات والصور المرسومة على أوراق البردي تشير إلى وجود عادة الختان لدى قدماء المصريين. ولم يكن قيامهم بالختان يرجع لأسباب صحية فقط إذ إن الرهبان كانوا يقومون بختان الذكور في بداية مرحلة البلوغ.

ويُقال أن عادة التضحية بأول طفل ذكر في العائلة في حضارة بلاد ما بين النهرين قد تحولت إلى عادة الختان لدى الأكديين (الإمبراطورية الأكدية). كما ينتشر الختان في إفريقيا لدى غير المسلمين أيضاً. وكان أفراد الطبقة العليا في شعب الآزتيك يمارسون الختان. كما اندهش كولومبوس عندما علم أن الهنود الحمر أيضاً يمارسون الختان.

ويقول العلماء إنه قبل خمسين ألف عام كان جميع الذكور مختونين إلا أن عادة الختان قد اختفت في أوروبا بسبب المجاعات التي انتشرت في العصر الجليدي ولكن ظلت عادة الختان مستمرة ومنتشرة في المناطق الحارة.

سنّة إبراهيم

تروي التوراة أن إبراهيم عليه السلام أُمر بالختان وهو في سن متقدمة، وأنه هو من قام بختان نفسه وبفضل ذلك تمكن من الإنجاب.
وفي ملة إبراهيم كان الختان سنّة مستحبة متروكة لرغبة الشخص، أما في تعاليم موسى عليه السلام فإن الختان واجب لابد من القيام به. لدرجة أن كلمة "غير مختون" تستخدم للدلالة على غير المؤمنين (عديمي الدين). فترك الختان سبب للطرد والنبذ عند اليهود.

اختتن عيسى عليه السلام بعد ثمانية أيام من مولده. والأول من يناير هو تاريخ اليوم الذي اختتن فيه عيسى عليه السلام. بينما كان بولس الرسول يبشر بالديانة المسيحية رأى أن اليونانيين لا يريدون الختان. فزعم أن الإنجيل قد ألغى أحكام التوراة وجاء بأحكام جديدة وقام بإلغاء الختان. ولكن بالرغم من ذلك لا يعارض السيريانيون الختان. كما أن الكنيسة القبطية تمارسه.

لا توجد عادة الختان في الهند والصين لأن الديانتين الهندوسية والبوذية تحرمانها.

أول خطوة نحو الرجولة

أمرنا النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- بختان الذكور وأخبرنا أن ذلك سنّة أبيه إبراهيم عليه السلام.

ويقال إن النبي ولد مختوناً.

يطلق الأتراك على الختان لفظ "سُنّة" لأنه سنّة النبي صلى الله عليه وسلم.

لم يحدد الإسلام سناً محددة للختان. فيمكن القيام به في أي وقت منذ الولادة وحتى البلوغ. وبالرغم من أنه ليس فرضاً إلا أنه لا يمكن أن تجد مسلماً غير مختون.

شُرع الختان للذكور فقط. أما ختان الإناث المنتشر في إفريقيا وبعض المجتمعات العربية البدوية فلم يأمر به الإسلام ولم يشرعه. وليس له أي علاقة بالمصادر الإسلامية الصحيحة ولا العادات الإسلامية.

حفل الختان

يحتفل المسلمون اليوم بختان أطفالهم كأنه عيد خاص يتزين فيه الأطفال ويتلقون الهدايا، وتقام فيه الولائم. وكان العثمانيون يولون أهمية كبيرة للختان ويعدونه أول فرحة بالطفل. وكانوا ينظمون في ذلك اليوم احتفالاً يُسعد الأطفال. فهو يوم يعمل فيه الجميع على إسعاد الأطفال.

تقام مراسم الختان في تركيا عادة في فصل الصيف في أيام الإجازة الصيفية. ويرتدي فيها الأطفال أفضل وأفخم الثياب. وعادة ما تتم زيارة ضريح أشهر ولي في القرية أو المنطقة التي ستجرى فيها مراسم الختان. ويركب الأطفال الأحصنة أو الحناطير المزينة ويتجولون بها احتفالاً بختانهم.

كما يقوم الأغنياء في مراسم ختان أطفالهم بختان أطفال الحي الذي يسكنون فيه وينظمون لهم المراسم ذاتها التي يعدونها لأطفالهم.

فرصة للمرح والتسلية

بينما يتم ختان الطفل يقوم أحد الأصدقاء المقربين للعائلة بحمل الطفل. ويطلق على هذا الشخص في اللغة التركية اسم "كيروه". وطبقاً للعادات التركية القديمة فإن لـ "الكيروه" مكانة خاصة في حياة الطفل؛ إذ إنه تنشأ بينهما رابطة اجتماعية تستمر طوال العمر لدرجة أنه في بعض الأماكن يعتبرون أطفال الـ"كيروه" إخوة للطفل ومن غير اللائق أن يتزوج بإحدى بناته.

بينما يتم ختان الطفل يقوم أقرباؤه بإلهائه بالألعاب التي أعدوها له. ولكي لا يصرخ يضعون في فمه الحلوى. كما تقرأ الأدعية والتكبيرات بصوت عالٍ. وبعد انتهاء الختان يوضع الطفل في فراش مزين وتزين الوسادة خصيصى بقلائد وأشياء تحمل عبارة "ما شاء الله" لدرء الحسد. ويقوم الأقارب والضيوف بتهنئة الطفل وتقديم الهدايا له لأنه خطا أول خطوة نحو الرجولة.

كانت مراسم ختان أطفال الأسرة الحاكمة أكثر مرحاً وتسلية وتقام على نطاق واسع. وتكون فرصة لكل أهل المدينة كي يفرحوا ويسعدوا. وقد استفاض المؤرخون والرحالة في الكتابة عن مراسم الختان وتبارى الرسامون في رسمها. لذلك فإن مراسم الختان هي أكثر المراسم الاجتماعية التي نعرف عنها معلومات شاملة .

الختان والصحة

هناك مؤسسات دولية مثل منظمة الصحة العالمية تؤيد القيام بالختان نظراً إلى فوائده الصحية. وفي ستينيات القرن التاسع عشر كان يتم التشجيع على الختان في أوروبا وأمريكا بهدف الحد من الأمراض التناسلية والاستمناء.

عام 1887 كانت نسبة الذكور المختونين في الولايات المتحدة الأمريكية 10% وفي عام 1971 وصلت هذه النسبة إلى 90% وبسبب الحملات المعارضة للختان انخفضت نسبة الأطفال المختونين إلى 60% عام 1994 وفي 1999 وصلت إلى 57% فقط. وانخفضت هذه النسبة في كاليفورنيا إلى 33%.

عام 1948 بدأت إنكلترا بتقديم الخدمات الصحية وأصبحت لا تتكفل بمصاريف الختان لذلك بدأت نسبة الختان تقل تدريجياً.

بعد إعلان الجمهورية التركية بدأ ظهور تيار مضاد للختان. يقول "جميل طوبوزلو" أحد قادة جماعة تركيا الفتاة: "يقولون إن الختان مفيد من ناحية النظافة الشخصية وإنه تحدث أمراض بسبب عدم الختان. حسناً لنقبل بذلك. ولكن ما المغزى من بتر جزء من عضو مهم من كل أطفال المسلمين في سبيل الدين خوفاً من أمراض تظهر بنسبة واحد في الألف؟ أرى أن ختان الأطفال بسبب أمراض يحتمل إصابتهم بها في المستقبل لا يختلف عن استئصال الزائدة الدودية من كل الأطفال لأنه من المحتمل أن تنفجر في المستقبل." ولكن على الرغم من ذلك يقوم حتى غير المتدنيين بختان أطفالهم ويحتفلون بذلك بمراسم كبيرة.

الأمراء المختونون

أمراء العائلة المالكة في بريطانيا مختونون. والأمير تشارلز أمير ويلز قد اختتن في القصر على يد حاخام يهودي. فضلا عن إخوته. لم تكن الأميرة ديانا ترغب في ختان أطفالها ولكن بعد وفاتها بعدة أشهر ختن الأمير ويليام في المستشفى الذي نقل إليه بحجة إجراء عملية جراحية، وتبعه في ذلك أخوه هاري.

يقال إن عائلة الملكة فيكتوريا تنحدر من نسل النبي داود عليه السلام؛ وبسبب ذلك تقوم بختان جميع أبنائها. فالختان في إنكلترا رمز للطبقة العليا، فجميع الأغنياء والنبلاء مختونون. والوضع كذلك في أمريكا وأستراليا أيضاً. وينتشر الختان أكثر بين البيض والأغنياء والمتعلمين والمتدينين